توصل باحثون في جامعة ماساتشوستس أمهيرست الأميركية لنتائج علمية متقدمة في مهمتهم لإنتاج بروتين مستدام وغير حيواني ولذيذ وله بصمة كربونية منخفضة ولا يعتمد أيضًا على الأراضي الزراعية التي تعد مصدرًا معتادًا ومضغوطا بشكل تدريجي للإمدادات الغذائية العالمية.
يقول لوتز جروسمان، الأستاذ المساعد لعلوم الغذاء في جامعة ماساتشوستس أمهيرست: “إن تزايد عدد سكان العالم وتغير المناخ يزيدان الضغط على إمداداتنا الغذائية والبروتينية القادمة من هذه الموائل الطبيعية”.
ويضيف: “بحلول عام 2050، سيحتاج العالم إلى إنتاج الغذاء بكمية تفوق الإنتاج الحالي بما يصل إلى 60٪، وفي نفس الوقت، لا نريد أن تتحول المزيد من الأراضي الطبيعية إلى أراضٍ زراعية لسد هذه الفجوة. هذا هو السبب في الحاجة الملحة إلى سلاسل إمداد البروتين المستدامة البديلة لضمان الأمن الغذائي في المستقبل”.
يتمثل الهدف النهائي لمختبر جروسمان في محاولة صنع أغذية غنية بالبروتين من بكتيريا تستمد طاقتها من الهيدروجين.
يشرح جروسمان: “لقد اكتشفنا هذه التقنية المثيرة للاهتمام حيث يمكنك استخدام الغازات لتنمية البكتيريا الغنية بالبروتينات لتستهلكها لاحقًا كغذاء”.
يخطط جروسمان لاستخدام “الكهرباء الخضراء” المتجددة، المنتجة من الطاقة الشمسية أو الكهرومائية أو الرياح، لتقسيم المياه إلى هيدروجين وأكسجين، فيما يسمى بعملية التحليل الكهربائي، ومن ثم استخدام الهيدروجين كمصدر طاقة للبكتيريا المعروفة باسم الهيدروجينوتروف، يساعدها على النمو والبقاء.
يقول جروسمان: “لا تتطلب زراعة هذه البكتيريا أي مدخلات من الزراعة التقليدية، حيث يمكن أن تنمو عن طريق فقاعات الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون والأكسجين في مفاعل مملوء بالماء المخصب بالنيتروجين والمعادن.”.
اقرأ أيضًا.. دراسة: الأرز المعدل وراثيا لمقاومة الملوحة يعالج نقص الغذاء بسبب تغير المناخ
البكتيريا الهيدروجينية
في الستينيات، استكشفت ناسا إمكانية استخدام البكتيريا الهيدروجينية كمصدر غذائي مستدام وقابل للتجديد، لإطعام رواد الفضاء في مهماتهم الفضائية.
كشفت التجارب أن البكتيريا الهيدروجينية تحتوي على نسبة عالية من البروتين والكربوهيدرات، ويمكنها تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى غذاء بسرعة أكبر من النباتات، مما يجعلها بديلاً فعالاً ومستدامًا للنظم الغذائية النباتية عالية البروتين، وكبديل فعال في المنتجات التي تستخدم المستخلصات النباتية والزيوت.
في السنوات الأخيرة، عادت الفكرة إلى الظهور في ضوء الحاجة إلى مصادر غذاء عالمية بديلة ومستدامة مع الضغوط التي تواجه الأمن الغذائي العالمي بسبب الزيادة السكانية وتغير المناخ.
ركزت أبحاث جروسمان السابقة على زراعة بروتينات أخرى وحيدة الخلية من الطحالب الدقيقة، باستخدام ضوء الشمس وثاني أكسيد الكربون والأسمدة.
يقول: “لا تزال الطحالب الدقيقة كتلة حيوية مثيرة جدًا للاهتمام، لكنها تحتاج إلى الكثير من ضوء الشمس ولهذا تحتاج إلى مساحات مسطحة كبيرة، لذلك هناك بعض القيود.”
بمجرد أن يزرع جروسمان وفريقه البكتيريا، سيركزون على المنتجات الثانوية الغنية بالبروتين الناتجة منها.
يشرح: “علينا معرفة كيفية استخلاص البروتين وتحسين العملية للحفاظ على وظيفة البروتينات. ثم نحتاج إلى فهم نوع الأطعمة التي يمكننا تشكيلها”.
تعد عمليات إنتاج بروتين نباتي مستدام وبديل، التركيز الأساسي لعلماء الأغذية في جامعة ماساتشوستس أمهيرست، وكثير منهم متخصصون في المجال المعقد والمتعدد التخصصات للتصميم الهيكلي وتكنولوجيا النانو ووظائف البروتين والتوافر البيولوجي والتمثيل الغذائي.
يقول جروسمان: “يجب أن نكون قادرين على إنتاج أطعمة مغذية ولذيذة لإطعام الناس في مستقبل ملئ بالتحديات.”.
ويتابع: “نريد أن نثبت أن الإنسانية مرنة بشكل استثنائي عندما يتعلق الأمر بإنتاج الغذاء”.