قام فريق دولي بقيادة جامعة مينيسوتا توين سيتيز ، لأول مرة ، بتحديد عمر وعملية تكوين صدع شرق الأناضول بدقة ، والذي يمتد من شرق إلى جنوب وسط تركيا وشارك في إنشاء الصفيحة التكتونية الأناضولية.
كانت منطقة الصدع موقعا لزلزالين مدمرين وقعا في المنطقة، وهما زلزال تركيا وسوريا في فبراير 2023.
في حين أن نتائج الباحثين لن تساعد في التنبؤ بتوقيت أو حجم الزلازل، إلا أنها تسمح للجيولوجيين بمعرفة المزيد حول المدة التي كانت فيها المنطقة نشطة زلزاليا وكيف شكلت الزلازل الكبرى المناظر الطبيعية بمرور الوقت، والتي يمكن أن تساعد في دفع عملية صنع القرار للبنية التحتية ووضع المنازل.
نشرت الورقة البحثية، التي روجعت من قبل الأقران، في مجلة الجيولوجيا، وهي مجلة أكاديمية رائدة تغطي مجالات علوم الأرض التي نشرتها الجمعية الجيولوجية الأمريكية.
الصدوع التي نراها على سطح الأرض هي شقوق ناجمة عن تحركات الصفائح التكتونية الضخمة للكوكب.
تتسبب هذه التحركات في تراكم الضغط ويؤدي إطلاق هذا الضغط إلى حدوث الزلازل التي يتعرض لها البشر على السطح.
أوضحت دونا ويتني، المؤلفة الرئيسية للورقة وأستاذة جامعة ماكنايت المتميزة في كلية علوم الأرض والبيئة بجامعة مينيسوتا: “هناك الكثير من الصفائح التكتونية في العالم، لقد غيروا الشكل والحجم والموضع بمرور الوقت، لكننا نادرا ما نرى شكلا واحدا”.
وأضافت: “تشكلت صفيحة الأناضول مؤخرا، إلى حد ما بالمعنى الجيولوجي، لذا فإن العمليات التي شكلتها أسهل بالنسبة لنا لاستنتاجها من دراسة الجيولوجيا”.
وتابعت: “كان هناك الكثير من الجدل حول عمر صفيحة الأناضول وصدع شرق الأناضول، لكننا تمكنا من أن نظهر ببياناتنا أنه من المحتمل أن يكون الصدع قد تشكل قبل خمسة ملايين سنة”.
يعد البحث نتاجا لمشروع يجمع باحثين من تخصصات عديدة في علوم الأرض ومن بلدان مختلفة، بهدف دراسة صفيحة الأناضول ومناطق الصدع المرتبطة بها.
اقرأ أيضًا.. بعد زلزال تركيا.. هل ثمة علاقة بين هزات الأرض وتغيرات المناخ؟
زلزال تركيا وسوريا
بدأ الفريق دراسة صفيحة الأناضول في عام 2011 لأنهم وجدوا أدلة على أن منتصف الصفيحة كان يتشوه لعشرات الملايين من السنين، وهي عملية تحدث عادة فقط عند حواف الصفائح التكتونية.
تقول الدراسة إنه قبل خمسة ملايين سنة، كان هناك تغيير جذري، ومنذ ذلك الوقت، تركزت كل الحركة التكتونية تقريبا على طول صدعين رئيسيين يولدان الزلازل: صدع شمال الأناضول وصدع شرق الأناضول.
قالت ويتني: “إن معرفة التاريخ الزلزالي لهذه المنطقة أمر مهم حقا لتوقع الكوارث المتعلقة بالطريقة التي يتفاعل بها الناس مع المناظر الطبيعية”.
وتابعت” “لا يمكننا التنبؤ بأنه سيكون هناك زلزال بقوة “X” على هذا الصدع في وقت معين، ولكن يمكننا التعرف على نشاط الصدع في الماضي، وحجم الأحداث، ومدى تأثير حركة الصدع على المناظر الطبيعية. نحن بحاجة إلى فهم هذه الهياكل لأن الناس يعيشون بالقرب منها، وهناك بنية تحتية بالقرب منها”.
اقرأ أيضًا.. البراكين وتغير المناخ.. تأثير كبير تتجاهله توقعات العلماء المناخية
صدع شرق الأناضول وزلزال تركيا
تقع تركيا ضمن منطقة جغرافية نشطة زلزالياً، إذ تحيط بها ثلاث صفائح تكتونية، الصفيحتين العربية والإفريقية جنوباً والصفيحة الأوراسية شمالاً، وتنشط داخل حدود تركيا ثلاثة خطوط زلزالية فاعلة هي: صدع غرب الأناضول المتصدع والمتشعب والأكثر حركة ويمر بمناطق بحر إيجة وبحر مرمرة، وصدع شمال الأناضول بطول (1350 كيلومتراً) ويمر بالمناطق المقابلة للبحر الأسود وصولاً إلى أسفل بحر مرمرة غرباً، وصدع شرق الأناضول بطول (530 كيلومتراً) فيبدأ بمدينة هاتاي وينتهي بمدينة موش، ويلتقي الصدعان الشمالي والشرقي في مدينتَي بينجول وموش.
أما هضبة الأناضول، الواقعة في الجزء الشرقي من تركيا، فهي منطقة تتميز بنشاط زلزالي كبير.
وعلى طول الحدود بين صفيحة الأناضول والصفيحة العربية تمر هضبة الأناضول بصدع قاري رئيسي يطلق عليه “صدع الأناضول الشرقي”، وهو عبارة عن سلسلة من الصدوع التي تمر عبر تركيا من الغرب إلى الشرق.
ويبدأ خط صدع شرق الأناضول من تقاطع ماراش الثلاثي عند الطرف الشمالي من شق البحر الميت، ويمتد في الاتجاه الشمالي الشرقي وينتهي عند مفرق كارليوفا الثلاثي، حيث يلتقي بخط صدع شمال الأناضول.
ينضم خط صدع شرق الأناضول مع خط صدع شمال الأناضول من إرزينجان بعد استمراره حتى هاتاي، عثمانية، غازي عنتاب، قهرمان مرعش، أديامان، إيلازيغ، بالإضافة إلى بينجول وموش.
من تقاطع ماراش الثلاثي عند الطرف الشمالي من شق بحر أولودينيز بمنطقة فتحية، ويمتد في الاتجاه الشمالي الشرقي وينتهي عند مفرق كارليوفا الثلاثي، حيث يلتقي بخط صدع شمال الأناضول.
ينضم خط صدع شرق الأناضول مع خط صدع شمال الأناضول من إرزينجان بعد استمراره حتى هاتاي وعثمانية وغازي عنتاب وقهرمان مرعش وآدي يامان، إيلازيغ، بالإضافة إلى بينجول وموش.
تولد حركة الصفائح التكتونية في صدع شرقي الأناضول نشاطاً زلزالياً كبيراً، مما يجعل المنطقة واحدة من أكثر المناطق عرضة للزلازل في العالم. ومن المعروف أن الزلازل في هذه المنطقة هي زلازل ضحلة قشرية يمكن أن تسبب أضراراً واسعة النطاق بسبب قربها من السطح.
تاريخياً، شكل خط صدع شرق الأناضول سلسلة من الزلازل بدأت بزلزال أنطاكية عام 1822، واستمرت بزلزال 1866، 1872، 1874، 1875، 1893، وانتهت أخيراً بزلزال ملاطية 1905.
وباستثناء زلزال بينجول 1971، دخل صدع الأناضول الشرقي فترة أكثر هدوءاً.
لكن مع الزلزال بقوة 6.8 درجة الذي وقع في ولاية إيلازيغ يوم 24 يناير 2020، انتقل خط صدع شرق الأناضول من فترة الصمت لفترة النشاط مجدداً.
تصنف الزلازل التي تبلغ قوتها 7 درجات وأكثر “بالخطرة”، وشهدت تركيا منذ عام 1500 23 زلزالاً بقوة 7 درجات وأكثر.