كشفت دراسة حديثة أن تغير المناخ قد يؤثر على الاستقرار المستقبلي لأنظمة الطاقة الشمسية المتصلة بالشبكة، وهو أمر يجب مراعاته عند التخطيط لانتقال الطاقة المتجددة في جميع دول العالم.
تظهر النمذجة التي أجراها باحثون من جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني أن حجم وتواتر ومدة أحداث توليد الطاقة الشمسية، والتي تسمى المنحدرات، ستتغير بشكل كبير خلال القرن المقبل.
يمكن أن تساعد نتائج الدراسة، التي نُشرت في مجلة Scientific Reports، في تطوير البنية التحتية للطاقة الشمسية في المستقبل في أستراليا وباقي دول العالم.
نظرًا لأن الطاقة الشمسية تعتمد على التحويل المباشر لضوء الشمس إلى كهرباء، فهناك تباين متأصل في توليد الطاقة بسبب عوامل مثل الغطاء السحابي والوقت من اليوم والدورات الموسمية والموقع.
يمكن أن يؤدي التباين المفاجئ إلى عدم التطابق بين العرض والطلب على الكهرباء، ما يمكن أن يتسبب في انقطاع التيار الكهربائي أو تعطل كامل للشبكة في حال عدم إداراتها بشكل جيد.
يقول شوكلا بودار، المؤلف الرئيسي للدراسة والمرشح لنيل درجة الدكتوراه في كلية الخلايا الكهروضوئية وهندسة الطاقة المتجددة: “يتأثر توليد الطاقة الشمسية الكهروضوئية بالعوامل المناخية، مما يجعلها عرضة لتغير المناخ”.
وأضاف: “على سبيل المثال، قد تؤدي التغييرات التي تطرأ على الطريقة التي تمر بها السحب فوق الألواح الشمسية إلى انخفاضات مفاجئة أو زيادات (منحدرات) يمكن أن تتسبب في تقلبات الجهد وانقطاع التيار الكهربائي.”.
اتخذت الدراسة من أستراليا نموذجًا للبحث، لكنها توصلت إلى توصيات مهمة تصلح لأي مكان في العالم يعمل على خطط لتحول الطاقة.
في عام 2022، كان 35.9 في المائة من إجمالي الكهرباء المولدة في أستراليا من مصادر الطاقة المتجددة، حيث كانت الطاقة الشمسية هي أكبر مساهم في منظومة الطاقة المتجددة بالبلاد.
مع التخطيط لنشر الطاقة الكهروضوئية على نطاق واسع، بما في ذلك أكبر مزرعة للطاقة الشمسية في العالم في باول كريك، أستراليا، فإن نمذجة المنحدرات المستقبلية أمر بالغ الأهمية لضمان توليد طاقة مستقر حيث تزيد أستراليا من اعتمادها على الطاقة الشمسية على نطاق واسع.
يقول البروفيسور ميرليند كاي، المؤلف المشارك للدراسة والمحاضر في كلية الهندسة الكهروضوئية والطاقة المتجددة: “لذا، فإن هذا البحث ضروري لمشغلي الشبكات، والمسؤولين عن إدارة وصيانة شبكات الكهرباء، لفهم كيف ستتغير أحداث “المنحدرات” مع تغير المناخ حتى يتمكنوا من التخطيط لمنظومة الطاقة المتجددة مستقبلًا وفقًا لذلك.”.
اقرأ أيضًا.. زيادة الطاقة الشمسية على الأسطح بنسبة 50 في المائة على مستوى العالم في 2022
إدارة سلالم الطاقة الشمسية
بالنسبة للبحث، استخدم الفريق التوقعات المناخية الإقليمية لنمذجة المنحدرات الشمسية عبر أستراليا حتى عام 2100 في إطار سيناريو متوسط وعالي الانبعاثات.
ووجدوا أنه من المرجح أن تصبح أحداث المنحدرات أطول وأكثر تواترًا عبر الساحل الشرقي وأجزاء من شمال أستراليا، على الرغم من أن حجمها من المرجح أن يتقلص.
ستكون التغييرات أكثر أهمية وتأثيرًا في ظل الانبعاثات العالية، وهو السيناريو الذي تتجه أستراليا نحوه حاليًا.
يقول بودار: “بشكل عام، هذا يعني أننا يجب أن نتوقع أن تصبح المنحدرات الشمسية أكثر شيوعًا خلال القرن المقبل مع تغير المناخ، في كل مناطق العالم، على الرغم من أن هذا يختلف من موقع لآخر، كما يتباين أيضًا وفق سيناريوهات الانبعاثات المستقبلية”.
وأضاف: “بالنسبة لمشغلي الشبكة، فهذا يعني أنهم بحاجة إلى أن يكونوا مستعدين بالتقنيات والاستراتيجيات المناسبة لإدارة المزيد من مشكلات التقطع المنتظم.”.
الحلول
وفق نتائج الدراسة، من الممكن إدارة التقلبات التي تسببها المنحدرات الشمسية من خلال تكنولوجيا التخزين الشامل وتنويع مزيج الطاقة المتجددة في الشبكة.
قال كاي: “خلال أحداث زيادة الطاقة، يمكن للبطاريات الكبيرة تخزين الطاقة الشمسية الزائدة للمساعدة في تقليل الضغط على الشبكة”.
وأضاف: “ووقت حدوث المنحدرات الشمسية، يمكن إعادة الطاقة المخزنة إلى الشبكة للمساعدة في تعويض الخسارة في الطاقة الشمسية والحفاظ على استقرار الشبكة”.
تابع: “سيكون الجمع بين هذه الحلول، وبين تقنيات الطاقة المتجددة الأخرى مثل الرياح، التي يمكن أن تعمل أثناء الليل، أمر ضروري أيضًا، وتم تجربة ذلك بالفعل في أماكن مثل جنوب أستراليا، والأمور تسير هناك بشكل جيد”.
يعد بناء مزارع الطاقة الشمسية في المواقع المثلى استراتيجية أخرى للتخفيف من منحدرات الطاقة.
يأمل الباحثون أن تساعد نتائج دراستهم في إرشاد التطورات المستقبلية لمزارع الطاقة الشمسية في جميع أنحاء العالم، وهو أمر سوف يتطلعون إلى تحديده بشكل أكبر في الأبحاث المستقبلية.
قال بودار: “يمكن تطبيق إطار العمل الذي وضعناه هنا لدراسة أحداث المنحدرات المستقبلية مكانيًا وزمانيًا باستخدام نمذجة المناخ في أماكن مختلفة حول العالم لضمان عمليات الشبكة المثلى في المستقبل مع تغير المناخ”.