في عالم اليوم، حيث تصبح الاستدامة أكثر أهمية من أي وقت مضى، من المهم أن يكون المستهلكين قادرين على الاعتماد على المعلومات التي تقدمها الشركات حول منتجاتها وخدماتها. ومع ذلك، في كثير من الأحيان، تستغل الشركات هذا القلق من خلال استخدام ادعاءات تسويقية خضراء لتضليل المستهلكين، فيما يعرف بـ الغسل الأخضر.
في خطوة تهدف إلى حماية المستهلكين من هذه الممارسات، أعطى البرلمان الأوروبي يوم الأربعاء الضوء الأخضر النهائي لقانون جديد يحظر الادعاءات البيئية الكاذبة على المنتجات ويحسن وضع العلامات.
سيحظر الاتحاد الأوروبي استخدام مصطلحات أو علامات مثل “محايد مناخيًا” أو “إيجابي مناخيًا” أو “صديق للبيئة” اعتبارًا من عام 2026.
بموجب التوجيه الجديد، لن يُسمح للشركات باستخدام مصطلحات مثل “صديقة للبيئة” و”قابلة للتحلل” و”محايدة مناخيًا” إلا إذا كانت قادرة على إثبات هذه الادعاءات بشكل مقنع.
كما يحظر التوجيه الادعاءات بأن المنتج له تأثير “محايد مناخيًا” أو “منخفض” أو “إيجابي مناخيًا” على البيئة بسبب خطط تعويض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الخاصة بها.
خطط تعويض الكربون هي مشاريع تُستخدم لعكس أو تعويض انبعاثات الكربون. يمكن أن تتضمن هذه المشاريع زراعة الأشجار، أو الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، أو حماية الغابات.
تُستخدم خطط تعويض الكربون من قبل الشركات التي ترغب في تعويض انبعاثاتها الكربونية، عبر الاستثمار في مشاريع خضراء، كزراعة الأشجار مثلا، لتعويض انبعاثات الكربون الناتجة عن منتجاتها.
يسعى الاتحاد الأوروبي من خلال هذا القرار التاريخي إلى وضع حد لظاهرة “الغسل الأخضر”، عبر منع الشركات من الادعاء بأنها صديقة للبيئة أكثر مما هي عليه في الواقع. كما سيوفر معلومات أكثر دقة للمستهلكين حول المنتجات التي يشترونها.
يستخدم مصطلح الغسل الأخضر لوصف الادعاءات المضللة التي تُستخدم لجعل المنتجات أو الشركات تبدو أكثر مراعاة للبيئة مما هي عليه في الواقع. يمكن أن تشمل هذه الادعاءات استخدام كلمات أو عبارات مثل “صديقة للبيئة” أو “مستدامة” أو “خالية من الكربون” دون تقديم أي دليل يدعم هذه الادعاءات.
يمكن أن يكون الغسل الأخضر مضللًا للمستهلكين الذين يحاولون اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن المنتجات التي يشترونها. يمكن أن يؤدي إلى شراء المستهلكين لمنتجات لا تحقق أهدافهم البيئية.
الغسيل الأخضر: كيف تكذب الشركات على الجمهور لإخفاء جرائمها البيئية؟
انتصار على الغسل الأخضر
وصف خبراء هذه الخطوة بأنها نصر كبير للمستهلكين والبيئة، لأنها ستساعد المستهلكين على اتخاذ قرارات مستنيرة حول المنتجات الصديقة للبيئة، وستساعد الشركات على المنافسة بشكل عادل.
بموجب التوجيه الجديد، لن يسمح الاتحاد الأوروبي إلا بملصقات الاستدامة التي تستخدم أنظمة ومعايير إصدار الشهادات المعتمدة.
سيتم السماح فقط بملصقات الاستدامة المستندة إلى خطط إصدار الشهادات الرسمية أو التي أنشأتها السلطات العامة في الاتحاد الأوروبي.
قال البرلمان في بيان “لتحقيق ذلك، ستتم إضافة العديد من الممارسات التسويقية الإشكالية المتعلقة بالغسل الأخضر والتقادم المبكر للمنتجات إلى قائمة الاتحاد الأوروبي للممارسات التجارية المحظورة”.
سيحظر التوجيه الادعاءات بأن المنتج له تأثير “محايد مناخيًا” أو “منخفض” أو “إيجابي مناخيًا” على البيئة بسبب خطط تعويض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ستتطلب القواعد من الشركات أن تكون معلومات الضمان أكثر وضوحًا.
كما سيتم تطوير ملصق جديد منسق وموحد للتركيز بشكل أكبر على المنتجات ذات فترة الضمان الممتدة.
تعتقد المفوضية الأوروبية أن هذه التغييرات ستساعد المستهلكين على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن المنتجات التي يشترونها.
قالت المفوضة الأوروبية لشؤون البيئة، فيفيان جولياني، إن القواعد الجديدة “فوز كبير للبيئة والمناخ والمستهلكين”.
أضافت: “ستساعد هذه القواعد المستهلكين على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن المنتجات التي يشترونها، مما سيساعد في تقليل التأثير البيئي للاستهلاك”.
أصعب 10 أسئلة مناخية في عام 2024.. أبرزها يتعلق بـ ترامب
المنتجات المستدامة
يعد الهدف الآخر المهم للقانون الجديد هو حث المنتجين والمستهلكين على الاهتمام أكثر بجودة المنتجات.
كما تأمل المفوضية الأوروبية أن تؤدي القواعد الجديدة إلى زيادة الطلب على المنتجات المستدامة.
قالت آنا كافازيني، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر ورئيسة لجنة السوق الداخلية وحماية المستهلك: “هذا التشريع الجديد يضع حداً للإعلانات المضللة للمنتجات التي يفترض أنها صديقة للبيئة، وبالتالي يمكّن المستهلكين من اتخاذ خيارات مستدامة”.
وأضافت: “استثمارات الشركات في مشاريع حماية المناخ مرحب بها، وبالطبع لا يزال من الممكن التعامل بشأنها، لكن يجب بعد الآن أن تستخدم زراعة الأشجار في الغابات المطيرة لغسل التلوث الناجم عن الإنتاج الصناعي للسيارات، أو تنظيم كأس العالم لكرة القدم، أو إنتاج مستحضرات التجميل. هذا الخداع أصبح الآن شيئا من الماضي”.
قال ليندسي أوتيس، خبير سياسات أسواق الكربون العالمية في CMW، إن الاتحاد الأوروبي يقود الجهود لمكافحة الغسل الأخضر. وأضاف أن ادعاءات الحياد الكربوني “غير مفهومة للمستهلكين” ويجب أن تتوقف.
واليوم، كما قال أوتيس، يمثل نهاية الإعلانات “الغريبة وغير الدقيقة” التي تدعي أن الرحلات الجوية والملابس والطعام يمكن أن تكون خالية من الكربون.
يأتي هذا القرار بعد أشهر من المفاوضات حول كيفية تنظيم المطالبات البيئية في الاتحاد الأوروبي، مع التوصل إلى اتفاق في سبتمبر الماضي، ووافق عليه المشرعين يوم الأربعاء. وأمام الدول الأعضاء الآن عامين لتقديم القواعد الجديدة.