أكدت دراسة حديثة، صدرت الأثنين 11 إبريل 2022، من قبل فريق دولي من علماء الطقس، أن تغير المناخ هو السبب في هطول الأمطار الغزيرة والأعاصير في جنوب شرق إفريقيا.
وتزامن صدور الدراسة مع وقوع أسوأ فيضانات شهدتها جنوب إفريقيا على الإطلاق، وتسببت في مقتل أكثر من 300 شخص، حتى الآن، ودمرت الأمطار الغزيرة على الساحل الشرقي في ميناء ديربان الشهير، مركز الكارثة، آلاف المنازل والطرق والجسور.
العواصف والاحتباس الحراري
حللت الدراسة العواصف الاستوائية المتعددة التي ضربت مدغشقر وملاوي وموزمبيق في وقت سابق من هذا العام، وكشفت النتائج أن العواصف قد تفاقمت بسبب الزيادة في درجات الحرارة العالمية.
في غضون ستة أسابيع فقط بين يناير ومارس، شهدت المنطقة رقماً قياسياً في ثلاثة أعاصير مدارية وعاصفتان استوائيتان وصلت إلى اليابسة.
خلفت الأمطار الغزيرة وعرام العواصف والفيضانات أكثر من 230 قتيلاً وشردت مئات الآلاف في جميع أنحاء المنطقة، وفي المجمل، تضرر أكثر من مليون شخص من جراء هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات في المنطقة.
بدأت العواصف المدمرة في يناير عندما تسببت العاصفة آنا في أضرار واسعة النطاق في مدغشقر وموزمبيق وملاوي، ولا تزال البلدان عرضة لخطر الطقس المدمر هذا العام، مع انتهاء موسم الأعاصير في مايو.
اقرأ أيضًا.. عشرات الضحايا جراء العاصفة آنا في 3 دول.. والأمم المتحدة: أزمة المناخ حقيقة واقعة
نقص البيانات
في الدراسة حلل العلماء أنماط الطقس اليوم مقارنة بالماضي، ومع ذلك، يقول العلماء إنهم لا يستطيعون ربط وتيرة العواصف بشكل مباشر بتغير المناخ بسبب نقص البيانات طويلة المدى.
قالت سارة كيو، من المعهد الملكي الهولندي للأرصاد الجوية وشاركت في الدراسة، إنهم بحثوا في تأثير تغير المناخ باستخدام 34 نموذجًا للتنبؤ، لكن فجوات البيانات جعلت من الصعب تحديد التأثير الكامل لزيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
قالت كيو: “بينما يُظهر تحليلنا بوضوح أن تغير المناخ جعل العواصف أكثر ضررًا، فإن قدرتنا على التحديد الدقيق لمقدار ما أعيق بسبب البيانات غير المتسقة ونقص مراقبة الطقس”، وأضافت كيو “هذا من شأنه أن يساعد أيضًا في تحسين التنبؤات بظواهر الطقس المتطرفة وتأثيراتها.”
في كل من مدغشقر وملاوي، تم وقف الدراسة بسبب الافتقار إلى محطات الطقس مع البيانات المناسبة.
ومن بين 23 محطة أرصاد جوية في المناطق المتضررة من موزمبيق، كان لأربعة فقط سجلات كاملة تعود إلى عام 1981.
رسالة لقادة العالم
أكد أحد العلماء المشاركين في الدراسة أن تغير المناخ يجعل العواصف أسوأ، وقال الدكتور فريدريك أوتو من جامعة إمبريال كوليدج في لندن: “إن هطول الأمطار المصاحب لمثل هذه العواصف أصبح أكثر احتمالا وأكثر كثافة”. وتابع أوتو “ما يمكننا قوله بالتأكيد هو أن الأضرار الناجمة عن مثل هذه العواصف أصبحت أسوأ”.
وجه العلماء الذين أجروا الدراسة كلمات قوية لقادة العالم، وحثوهم على العمل للحد من تغير المناخ، وقال الدكتور أوتو: “مرة أخرى، نرى كيف يتحمل الأشخاص الأقل مسؤولية عن تغير المناخ العبء الأكبر من الآثار، يجب على الدول الغنية الوفاء بالتزاماتها وزيادة التمويل الذي تشتد الحاجة إليه للتكيف، ولتعويض ضحايا الأحداث المتطرفة الناتجة عن تغير المناخ.”.
ودعا عالم آخر إلى تعزيز الموارد العلمية في إفريقيا، من أجل تحسين تسجيل تأثير تغير المناخ في المنطقة.
يقول د. إيزيدين بينتو، محلل نظام المناخ في جامعة كيب تاون: “إن تعزيز الموارد العلمية في إفريقيا وأجزاء أخرى من الجنوب العالمي أمر أساسي لمساعدتنا على فهم أفضل لظواهر الطقس المتطرفة التي يغذيها تغير المناخ، ما يساعدنا على إعداد الأشخاص المعرضين للخطر والبنية التحتية للتعامل مع الكوارث بشكل أفضل”.
أجرى الدراسة المؤلفة من 33 صفحة 22 باحثًا، من بينهم علماء من جامعات ووكالات أرصاد جوية في مدغشقر وموزمبيق وفرنسا وهولندا ونيوزيلندا وجنوب إفريقيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
اقرأ أيضًا.. تقرير IPCC الجديد: هذه هي فرصنا لـ خفض الانبعاثات للنصف حتى 2030
فيضانات جنوب إفريقيا وتغير المناخ
ارتفعت حصيلة ضحايا الفيضانات في جنوب أفريقيا إلى أكثر من 300 قتيل في ديربان الساحلية وما حولها، وفق ما أعلنت السلطات الأربعاء.
وخلفت الأمطار غير المسبوقة منذ نحو 60 عاما دمارا كبيرا في البلاد لا سيما في المناطق الساحلية.
قالت حكومة جنوب أفريقيا الأربعاء إن حصيلة ضحايا الفيضانات المدمرة التي اجتاحت مدينة ديربان الساحلية وما حولها ارتفعت إلى 306 قتلى.
وتسببت الأمطار القياسية التي وصلت إلى مستوى غير مسبوق منذ أكثر من 60 عاما إلى دمار كبير مع جسور منهارة وطرق مغمورة بالفيضانات في بعض الأماكن حول مدينة ديربان الساحلية، وهي المدينة الرئيسية في كوازولو-ناتال (شرق) ومركز الكارثة.
وقالت نونالا ندلوفو المتحدثة باسم الهيئة الإقليمية لإدارة الكوارث “مع حلول مساء 13 أبريل، تبلغنا أن حصيلة قتلى كارثة الفيضانات في كوازولو ناتال ارتفعت إلى 306 قتلى”.
وأشار مكتبها إلى أن هذه الكارثة التي أودت بهذا العدد من الاشخاص “من أحلك اللحظات في تاريخ” كوازولو ناتال. وكانت ندلوفو قد أعلنت في وقت مبكر الأربعاء أن 259 شخصا لقوا مصرعهم.
وأوضح ديبيو تاوانا من المعهد الوطني للأرصاد الجوية “خلال 48 ساعة، هطل أكثر من 450 مليمترا من الأمطار في بعض المناطق”. وقارن المتخصصون مستوى هطول الأمطار بالمستوى “المرتبط عادة بالأعاصير”.
وتمت تعبئة الجيش لتقديم دعم جوي خلال عمليات الإجلاء. دمرت آلاف المنازل وتضررت 140 مدرسة على الأقل بحسب السلطات المحلية.
ومنذ أيام، غمرت الطرق الرئيسية بمياه بنية اللون تطفو فيها إشارات المرور ولافتات إعلانية. وتجمعت أكوام من الأغصان والزجاجات والنفايات على شواطئ ديربان التي عادة ما يقصدها السياح والعائلات.
وعلق النشاط في الميناء وجرفت المياه حاويات شحن، كما أبلغ عن أعمال نهب. كذلك، أدت الأمطار الغزيرة إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطل إمدادات المياه. وعلّق العمل في خطوط السكك الحديد وطلب من السكان عدم التنقل.
وحذرت ماري غالفن الأستاذة في جامعة جوهانسبرج من أن “تغير المناخ هو الذي يتفاقم، فقد انتقلنا من العواصف الشديدة عام 2017 إلى فيضانات اعتقدنا أنها قياسية عام 2019 لكن من الواضح أنه تم تجاوزها اليوم عام 2022”.
في العام 2019، أودت الفيضانات في المنطقة ومقاطعة الكاب الشرقية المجاورة بحياة 70 شخصا ودمرت الكثير من القرى الساحلية في انزلاقات طينية.