عقدت شبكة العمل المناخي مؤتمرًا صحفيًا عبر الإنترنت أعلنت خلاله موقفها النهائي من قمة الأمم المتحدة للمناخ COP27، المقرر أن تبدأ في غضون أسبوع واحد في شرم الشيخ في مصر.
تعد شبكة العمل المناخي (CAN) أكبر شبكة عالمية تعمل على مكافحة أزمة المناخ، وتضم أكثر من 1800 منظمة غير حكومية في أكثر من 150 دولة.
أكد ممثلو المجتمع المدني لشبكة العمل المناخي خلال المؤتمر الذي عقد افتراضيًا، مساء اليوم الأثنين، أن الاختبار الحقيقي لنجاح هذه القمة هو مدى الاستجابة لاحتياجات مليارات الأشخاص على الخطوط الأمامية لأزمة المناخ وإعادة الثقة والتضامن في العملية متعددة الأطراف. وإلا فإن المؤتمر يخاطر بإهدار هذه اللحظة ويفقد كل مصداقية، على حد وصفهم.
حذر المتحدثون من استخدام COP27 كـ لوبي ضغط لمستثمري الغاز الذين يحرصون على استغلال هذه الفرصة لدفع الدول الأفريقية إلى صفقات التنقيب عن الغاز غير المستدامة التي ستعزز بشكل أساسي احتياجات المنازل والمدن الغربية في ظل أزمة الطاقة العالمية.
سلطوا الضوء على أن النضال من أجل العدالة المناخية- وجميع حريات المعارضة والاحتجاج ومحاسبة المسؤولين- يرتبط ارتباطًا جوهريًا بالنضال من أجل ضمان حقوق الإنسان وحماية الحريات المدنية للمطالبة بمستقبل آمن وعادل للجميع.
كما وجه المتحدثون رسالة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعد مانعا تاريخيا لتمويل الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ، على حد تعبيرهم، دعوا خلالها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للاستماع إلى أولئك الموجودين على الخطوط الأمامية لمواجهة تغير المناخ، واغتنام COP27 لضمان وقوف الولايات المتحدة على الجانب الصحيح من التاريخ مع تصاعد التأثيرات المناخية التي سببت دمارًا فوضويًا لا يمكن التنبؤ بنهايته، وذلك في ظل فرصة أخيرة وضئيلة لتحقيق هدف الحد من الاحترار دون 1.5 درجة مئوية.
فيما أبرز جميع المتحدثين أن COP27 يجب أن يقدم تسهيلات مالية للخسائر والأضرار ويمهد الطريق لمواصلة الدعم لأولئك الذين يعانون من عواقب الآثار المناخية.
اقرأ أيضًا.. قضية الخسائر والأضرار تهيمن على مفاوضات قمة المناخ COP27.. ما دور مصر؟
موقف الشبكة من COP27
خلال المؤتمر الصحفي، قال هارجيت سينغ، رئيس الاستراتيجية السياسية العالمية في شبكة العمل المناخي الدولية: “سيكون اختبار نجاح COP27 الحقيقي هو مدى الاستجابة لأكثر من 3 مليارات شخص يعيشون في سياقات وبلدان معرضة لآثار تغير المناخ”.
أضاف: “سيعقد مؤتمر الأطراف مباشرة على الخطوط الأمامية في القارة الأفريقية. نحن نشهد في الوقت الحالي كيف تظهر كارثة المناخ آثارًا جديدة لا يمكن التنبؤ بها مع استمرار استخراج الوقود الأحفوري- السبب الجذري لهذه الأزمة- وزيادة انبعاثات غازات الدفيئة”.
تابع: “يجب على الحكومات الغنية الانخراط بطريقة بناءة لمعالجة الظلم المستمر الواقع على البلدان النامية بسبب الخسائر والأضرار الناجمة عن المناخ من خلال الالتزام بتقديم الدعم للمتضررين، والتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري. كما يجب وضع الملوثين في قفص الاتهام ومحاسبتهم خلال مؤتمر الأطراف، والأمم المتحدة هي المكان الذي يتعين علينا المشاركة فيه، وإذا فشلت فذلك لأن الدول الغنية تعرض شرعية التعددية للخطر”.
قالت لورين شيبوندا، منسقة حركة المناخ في أفريقيا: “إن انتشار الغاز في القارة الأفريقية لعلاج أزمة الطاقة قصيرة الأجل في أوروبا هو خطوة متهورة ستؤدي إلى مزيد من نهب القارة الأفريقية كما شهدنا مع شركات الوقود الأحفوري الغنية التي لوثت الأراضي والمشاعات، وانتهكت الأرض وحقوق الناس، وعرضت النظم الغذائية في أفريقيا للخطر وأفقرت القارة.
أضافت: “إن موجات الجفاف في جنوب الصحراء الكبرى التي تركت عشرات الملايين من الناس يعانون من انعدام الأمن الغذائي، والفيضانات المميتة في نيجيريا التي أودت حتى الآن بحياة 600 شخص وشردت الملايين، والفيضانات في ديربان التي أودت بحياة حوالي 400 شخص، توضح إرث الاستثمار في الوقود الأحفوري في أفريقيا. ويحتاج العالم إلى تقييم ذلك والالتزام بالإجراءات التي من شأنها تجديد وبناء اقتصادات الشعوب التصالحية التي ليست استعمارية أو استخراجية أو أبوية أو مدفوعة بالشركات”.
تابعت: “يجب أن يتوقف خداع الجماهير عن طريق الترويج لحلول خاطئة مثل اعتبار الغاز وقودا انتقاليا أو تعقيم الغاز كطاقة نظيفة. وعلاوة على ذلك، يتطلب تمويل مصادر الطاقة المتجددة دعما سخيا ويجب هيكلته وتمويله باستخدام عملية التخلص التدريجي العادل، مع مراعاة مبادئ المساواة والعدالة، بما في ذلك سداد الشركات والدول الغنية لديونها المناخية للشعب الأفريقي. ولن يتمكن العالم من تحقيق الأهداف الفورية للحد من درجات الحرارة وخفض الانبعاثات الواردة في اتفاقية باريس للمناخ إلا من خلال هذه التعويضات”.
اقرأ أيضًا.. الأمم المتحدة: 28 دولة فقط تقدمت بخططها الوطنية للعمل المناخي قبل COP27
إنقاذ الطبيعة يبدأ من COP27
قال فرناندا كارفاليو، رئيس السياسة العالمية لممارسات المناخ والطاقة في الصندوق العالمي للطبيعة: “يجب أن يكون مؤتمر الأطراف 27 لحظة تلتزم فيها الحكومات بخفض الانبعاثات في جميع أنحاء الاقتصاد والمجتمع”.
استشهد كارفاليو بالتقرير الجديد عن فجوة الانبعاثات الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة للتدليل على الوضع الحرج الذي يواجهه العالم، حيث لا تسير السياسات الحالية ولا المساهمات المحددة وطنيا على المسار الصحيح للحد من الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية.
أكد التقرير أيضًا أن السبيل الوحيد القابل للتطبيق للمضي قدما يتلخص في التعجيل بالتغييرات الهيكلية في الأجزاء الرئيسية من الاقتصاد- مثل إمدادات الكهرباء والنقل والصناعة والبناء- للحد بشكل كبير من الانبعاثات
يضيف كارفاليو : “يجب أيضا إعطاء الطبيعة دورا أكثر موضوعية في مناقشات هذا العام. تؤدي أزمة المناخ إلى فقدان الطبيعة، وتدمير النظم الإيكولوجية الطبيعية يغذي بدوره أزمة المناخ. لكن الطبيعة يمكن أن تكون جزءا من الحل. يجب على الحكومات تضمين الحلول القائمة على الطبيعة في العمل المناخي وخلق زخم قبل قمة التنوع البيولوجي COP15 في ديسمبر في مونتريال، التي تعد فرصة أخيرة للبشرية لإعادة ضبط علاقتها المقطوعة مع الطبيعة، والفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ AR6 قدم بدائل اقتصادية مجدية، ولكن الأمر متروك للمجتمع المدني لجعلها حقيقة واقعة”.
قالت راشيل كليتوس، مديرة السياسات في برنامج المناخ والطاقة في اتحاد العلماء المهتمين: “إن أزمة المناخ تضرب جميع أنحاء العالم، وتحصد الأرواح، وتدمر سبل العيش والنظم الإيكولوجية الحيوية، وتهدد الملايين بنقص الغذاء والماء. وتظهر أحدث الأبحاث العلمية أن مسار الانبعاثات العالمية خارج السيطرة بشكل خطير، مما يعرضنا لخطر المزيد من التأثيرات المناخية الكارثية”.
تضيف: “هذا السياق الواقعي العميق لمحادثات المناخ الدولية السنوية القادمة في مصر يزيد من حاجة قادة العالم للعمل معا بسرعة. ويتعين على قادة البلدان الأكثر ثراء التي تنتج أعلى الانبعاثات، على وجه الخصوص، أن يلتزموا بإجراءات تخفيض الانبعاثات، وكذلك الاستثمار في القدرة على التكيف مع تغير المناخ. كما يجب أن تخضع شركات الوقود الأحفوري للمساءلة عن عقود من العرقلة والتأخير للعمل المناخي”.
ترى كليتوس أن الدول الأكثر ثراء، بما في ذلك الولايات المتحدة، لا تزال مقصرة كثيرا عن الوفاء بالتزاماتها المالية لمساعدة البلدان منخفضة الدخل على خفض انبعاثاتها والتكيف مع تغير المناخ. في الوقت الذي تتزايد فيه الخسائر والأضرار بالنسبة للمجتمعات المحلية الواقعة على الخطوط الأمامية لأزمة المناخ، وخاصة بالنسبة لأفقر الناس الذين ساهموا بأقل قدر في المشكلة.
تقول: “يعتمد نجاح COP27 بشكل حاسم على الولايات المتحدة والدول الغنية الأخرى حيث يجب عليهم تحمل مسؤولياتهم لمعالجة قضية الخسائر والأضرار بشكل هادف، بما في ذلك تقديم مسار واضح على المدى القريب للتمويل المخصص والمستمر”.
قالت راشيل سايمون، خبيرة سياسات المناخ والتنمية، بشبكة العمل المناخي في أوروبا: “لقد فشلت البلدان الغنية في الوفاء بوعدها بدعم البلدان والمجتمعات الضعيفة بمبلغ 100 مليار دولار سنويا للتعامل مع تغير المناخ، مع وجود نقص كبير في تمويل التكيف. لذا سنحاسب هذه الحكومات في COP27 لضمان اتخاذها المسار الصحيح. فالمال موجود لديهم، لكنها مسألة إرادة سياسية”.
تضيف: “تحتاج البلدان الغنية، التي صدرت الانبعاثات التاريخية وتسببت في الأزمة، أن توافق بشكل عاجل على إنشاء صندوق لتمويل الخسائر والأضرار في COP27، هذا هو التقدم الهادف الذي نحتاج إلى رؤيته في مصر”.