مازالت ليبيا تلملم جراحها بعد الكارثة الإنسانية والبيئية التي خلفتها الفيضانات المدمرة في مدينة درنة، والتي أودت بحياة الآلاف وشردت عشرات الآلاف. وفي ظل هذه المأساة، تشارك ليبيا في مؤتمر”كوب 29″ المنعقد في باكو عاصمة أذربيجان؛ حاملةً نداءً عاجلاً للمجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم للتعافي من آثار هذه الكارثة وبناء مستقبل مستدام.
ورغم غياب جناح رسمي ليبي في فعاليات “كوب 29″، إلا أن الوفد الليبي يشارك في المؤتمر بهدف تسليط الضوء على التحديات البيئية التي تواجهها البلاد، وآخرها كارثة فيضانات درنة التي أدت إلى مقتل 4,352 شخصا (وفيات مؤكدة) حتى 31 أكتوبر 2023، وأبلِغ عن فقدان 8,500 ونزوح 43,400، وفقا لـ “الأمم المتحدة”.
وعلى هامش مشاركته في فعاليات المؤتمر، قال الدكتور محمد علي الحاج، مدير مكتب الطاقة والإنتاج بديوان رئاسة الوزراء لـ أوزون إنّ الوفد الليبي يسعى إلى مناقشة تأثير التغيرات المناخية على ليبيا، لا سيما ارتفاع درجات الحرارة والفيضانات غير المسبوقة التي ضربت مدينة درنة.
وأضاف الحاج أنّ “فيضانات درنة كانت كارثة إنسانية وبيئية كشفت عن هشاشة ليبيا في مواجهة التغيرات المناخية”. وأطلق المسؤول الليبي نداءً عبر أوزون: “ندعو المجتمع الدولي إلى الوقوف إلى جانب الشعب الليبي وتقديم الدعم اللازم لمساعدتنا في التعافي من هذه الكارثة وبناء مستقبل مستدام”.
وتأمل ليبيا في أن يساهم “كوب 29” في حشد الدعم الدولي لمساعدتها على التحول نحو اقتصاد أخضر، وذلك بتعزيز قدرتها على التكيف مع آثار تغير المناخ واتخاذ الإجراءات اللازمة لتجنب تكرار الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات المدمرة التي شهدتها مؤخرًا.
مبادرات
أوضح الحاج أنّ ليبيا، بصفتها دولة نفطية، لا تحتاج إلى الدعم بدرجة كبيرة، لكنها تسعى إلى التحول نحو الاقتصاد المستدام، لافتًا إلى أن هذا المسعى يمضي بوتيرة بطيئة، ويتمثل في بعض المبادرات، مثل: “جو جرين” التي تهدف إلى تحويل المباني والمصانع إلى استخدام الطاقة الخضراء، إلى جانب الخطط والاستراتيجيات الرامية إلى خفض الانبعاثات الكربونية.
ومن أبرز المبادرات أيضًا التي نفذتها ليبيا في هذا السياق، تخصيص أراضٍ لمشاريع الطاقة النظيفة، والتعاقد مع شركة توتال إنرجيز لإنتاج 500 ميغاوات من الطاقة الشمسية، وتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة “دبليو سولار” الإماراتية للاستثمار في قطاع الطاقة الخضراء في ليبيا.
اقرأ أيضًا
خسائر كارثية في محمية وادي الناقة بـ درنة بسبب إعصار دانيال
يذكر أن مدينة باكو الأذربيجانية تشهد انعقاد مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 29) خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر 2024. ويعد الهدف الرئيسي للمؤتمر هو متابعة تنفيذ اتفاقية باريس، والتي تستهدف الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى أقل بكثير من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، مع السعي للحد من الزيادة إلى 1.5 درجة مئوية.
يركّز “كوب 29” على عدة قضايا هامة، منها تقييم التقدم في تنفيذ اتفاقية باريس، وتوفير التمويل اللازم للدول النامية للتكيف مع تغير المناخ، والتوصل إلى آلية لتعويض الدول المتضررة من آثاره، بالإضافة إلى تعزيز إجراءات التكيف وتسريع التحول إلى الطاقة المتجددة، لا تزال القضايا الخلافية تشهد مفاوضات ساخنة حتى اللحظة.