يمكن أن نصنف القمح كأهم سلعة غذائية في العالم بلا منافس، فهو يشكل مصدرًا مهمًا بشكل خاص للتغذية في جميع دول العالم بلا استثناء.
يوفر القمح 20٪ من السعرات الحرارية والبروتين لـ 3.4 مليار شخص في العالم، أي حوالي نصف سكان الأرض.
كشفت دراسة جديدة نُشرت نتائجها في مجلة “One Earth”، أن تغير المناخ يؤثر على إنتاج وطلب وسعر القمح، هذه السلعة الغذائية الرئيسية في معظم بقاع الأرض.
وقالت الدراسة المدعومة جزئيًا من مشروع RECEIPT الممول من الاتحاد الأوروبي، إن تغير المناخ من المتوقع أن يغير بشكل كبير محصول القمح وسعره في المستقبل.
من المتوقع أيضًا أن يحدث هذا حتى إذا حققنا أهداف اتفاقية باريس وبقينا أقل من 2 درجة مئوية من الاحترار.
وتلزم اتفاقية باريس المبرمة في 2015 الدول بالعمل على بقاء متوسط الزيادة في درجة حرارة الكوكب تحت درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية واستهداف قصر الزيادة على 1.5 درجة مئوية، مع العلم أن متوسط درجات الحرارة العالمية ارتفع بالفعل بمقدار 1.1 درجه مئوية خلال القرن الماضي.
اقرأ أيضًا.. القمح الأوكراني.. 4 دول عربية تواجه خطرًا كبيرًا بسبب الغزو الروسي
الأمن الغذائي العالمي في خطر
يمكن أن يرتفع محصول القمح في البلدان الواقعة على خطوط العرض العليا أكثر من البلدان الواقعة على خطوط العرض المنخفضة.
سيؤدي ذلك إلى تفاوت الأسعار، ما قد يؤدي بدوره إلى تفاقم عدم المساواة بين زراعة القمح في البلدان المتقدمة والبلدان النامية.
طور الباحثون نهجًا لنمذجة مجموعة بيانات عن المناخ والقمح والاقتصاد لدراسة آثار الظروف المناخية والظواهر المتطرفة على محاصيل القمح والأسعار وسلسلة التوريد العالمية.
باستخدام نظام النموذج المعزز هذا، قاموا بتقييم تأثير الاحترار العالمي بمقدار درجتين مئويتين على سلسلة العرض والطلب على القمح العالمية.
تشرح المؤلفة المشاركة الدكتورة كارين فان دير ويل الأمر قائلة: “نعلم من الأبحاث السابقة أن الأحداث المتطرفة لا تستجيب بالضرورة بنفس الطريقة التي تستجيب بها الظروف المتوسطة، ولأن هذه الأحداث المتطرفة هي الأكثر تأثيرًا على المجتمعات، فهذه خطوة مهمة إلى الأمام”.
يتنبأ النموذج بأن الغلة ستزداد في مناطق خطوط العرض الأعلى مثل غالبية شمال أوروبا.
في مناطق خطوط العرض المنخفضة مثل البلدان في إفريقيا، ستنخفض غلة القمح بأكثر من 15٪.
بالنسبة للمستهلكين، سيرتفع متوسط سعر القمح العالمي بنسبة 1.8٪، بينما ستكون الزيادة في متوسط سعر القمح بدول إفريقيا أكبر منها في أوروبا، لكن هناك بعض الدول أوروبية ستتأثر أكثر من غيرها.
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة تياني زانغ، خبير الأرصاد الجوية الزراعية في الأكاديمية الصينية للعلوم في بكين: “قد يؤدي هذا إلى تفاوت اقتصادي جديد بين المزارعين في البلدان المصدرة والمستوردة للقمح”.
يأمل زانغ أن تؤدي التوقعات بشأن سعر القمح وعدم الاستقرار إلى تشجيع صانعي القرار على تولي زمام المبادرة في جميع أنحاء العالم.
تخلص الدراسة إلى أن المساعدة في تحسين الإمدادات الذاتية من الحبوب الغذائية في البلدان النامية أمر بالغ الأهمية للأمن الغذائي العالمي.
وتؤكد أن هذا الأمر جدير بالمناقشة بين البلدان في سياسة التعاون الزراعي الدولي في المستقبل.
اقرأ أيضًا.. الاحتباس الحراري يهدد 10 محاصيل زراعية في مصر.. سعر القمح في خطر
تغير المناخ وسعر القمح في مصر
في مصر، يعتبر قطاع الزراعة من أكثر القطاعات التي سوف تتأثر بشدة بسبب التغيرات المناخية، ووفق الدراسة الأوروبية ستكون مصر من ضمن الدول المتأثرة والمعرضة مستقبلًا لزيادة في سعر القمح على المستلهك العادي.
وفي دراسة أخرى سابقة أجرتها وحدة بحوث الأرصاد الجوية الزراعية وتغير المناخ التابعة لمعهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية، استخدم الباحثون نماذج المحاكاة وسيناريوهات تغير المناخ المختلفة، للوصول إلى توقعات بعيدة المدى حول حجم التأثير الذي سوف تسببه التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة العالمية على المحاصيل الزراعية المصرية وحجم إنتاجها.
اكتشفت الباحثون أن ارتفاع درجة الحرارة العالمية، سوف يؤثر سلبًا على إنتاجية القمح، أحد أهم وأبرز المحاصيل المصرية على الإطلاق، ومنه يصنع الخبز المحلي الذي يعتبر غذاءً رئيسًا لأكثر من 70 % من المصريين.
كشفت الدراسة أنه في حال ارتفعت درجة الحرارة العالمية 2°م، فإن إنتاجية محصول القمح سوف تقل حوالى 9%، وسوف يصل معدل النقص إلى حوالى 18% إذا ارتفعت درجة الحرارة حوالى 3.5°م.
كما أن الاستهلاك المائي لهذا المحصول سوف يزداد حوالى 2.5% مقارنة بالاستهلاك المائي الحالي، وفق الظروف الجوية الحالية.