سيطر تغير المناخ بشكل متزايد على العناوين الرئيسية، من حرائق الغابات في أوروبا إلى الفيضانات في باكستان، ومن الزلازل في الصين إلى الأعاصير الجنوبية للولايات المتحدة.
مع وجود الكثير من الاهتمام والقلق بشأن تغير المناخ، من المتوقع أن يشعر الأطفال بالفضول بشأن ما يعنيه ذلك بالنسبة لهم، وما يمكنهم فعله لتحسين الوضع.
بالإضافة إلى ذلك، يتعرض الأطفال للموضوع من قبل أولياء أمورهم في المنزل، أو أثناء مشاهدة بعض البرامج التلفزيونية عن تغير المناخ.
قد يشعر بعض الأطفال بالخوف من الموضوع، ما يعني أننا بحاجة في منطقتنا العربية إلى الأدبيات المناسبة للمساعدة في المهمة الصعبة المتمثلة في شرح ماهية تغير المناخ مع فتح مساحة للتحدث عنه مع الأطفال وطرح الأسئلة.
يتعرف الأطفال اليوم على مفاهيم تغير المناخ في وقت أبكر بكثير من أفراد أسرهم الأكبر سنًا. على عكس آبائهم وأجدادهم، فهم نشأوا في عالم يعاني من آثار تغير المناخ ويتكيف مع آثاره، وهم جزء من حركة مستقبلية واسعة من النشطاء الشباب الذين يريدون معالجة تغير المناخ.
في مصر، يتعلم الطلاب في المرحلة الابتدائية أساسيات المفاهيم المرتبطة بتغير المناخ في مناهجهم الدراسية، لكن هذا وحده لا يكفي، فتوعيتهم بتغير المناخ بالطريقة الصحيحة أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى.
وتتمثل هذه الطريقة الصحيحة بشكل رئيس في موازنة المعلومات دون التسبب في الكثير من القلق عن طريق الحفاظ على المحتوى الأساسي المناسب والتركيز على الخطوات العملية التي يمكن للشباب اتخاذها بأنفسهم.
اقرأ أيضًا.. التغير المناخي في مدارس الشرق الأوسط.. دولتان عربيتان في الطريق والباقي غياب
أولاً: التعرف على البيئة واحترامها
يختلف الأطفال من حيث مستوى وعيهم حول تغير المناخ حسب السن وطبيعة المناهج الدراسية التي يتلقونها في المدارس.
من المهم، أثناء العمل على تثقيف الجيل القادم حول هذا الموضوع، أن نساعدهم على فهم الأشياء الصغيرة التي يمكنهم القيام بها في حياتهم اليومية لمعالجة تغير المناخ، بغض النظر عن نمط حياتهم.
الأطفال في المرحلة الابتدائية المبكرة، على وجه الخصوص، ليسوا مستعدين لفهم التفاصيل والتعقيدات حول علم المناخ. لكنهم قادرون على تطوير نظرتهم للعالم وتقديرهم للبيئة من حولهم.
المطلوب في البداية هو إلهام الأطفال بأهمية البيئة لحياتهم حتى يشعروا أن الطبيعة مهمة جدًا لدرجة أنهم يريدون فعل شيء ما لمعالجة الخلل وفق ما أكدته د. كريستي باليك خبيرة التربية البيئية البريطانية في تصريحات خاصة لـ أوزن.
وقالت باليك: “في البداية، لا يجوز تصوير الأماكن الطبيعية والبرية للأطفال على أنها أماكن مخيفة، واستخدام تعبيرات مثل الغابات المظلمة والمحيطات العميقة، بل يجب تعريفهم بالأماكن الطبيعية في إطار ملهم للخيال، باعتبارها من عجائب كوكب الأرض”.
وتضيف: “من المهم الحديث معهم عن النباتات والحيوانات والمناظر الطبيعية والطقس بشكل ملهم ومحفز للخيال، وتصويرها لهم بألوان وأنسجة زاهية، وتعريفهم بالحشرات وبراعم الزهور والمناظر البانورامية للغابات وسلاسل الجبال الشاهقة، بطرق ملهمة تشرح لهم تنوع الكوكب بطريقة بسيطة وفعالة”.
وتتابع: “قبل تعريف الأطفال بتغير المناخ، من المهم منحهم حبًا أساسيًا وفضولًا تجاه البيئة”.
اقرأ أيضًا.. ما هو تغير المناخ؟ كل شيء عن أزمة القرن الـ 21
ثانيًا: التدريب على اتخاذ القرار
تتمثل المرحلة التالية في جعل الأطفال يفكرون في الأشياء التي يمكنهم القيام بها للمساعدة في حماية الكوكب، مثل التقليل وإعادة الاستخدام، وإعادة التدوير، والإصلاح، والرفض، وإعادة التفكير.
وتقول باليك: “من المهم أن يعرف الأطفال أن لديهم صوتًا ويمكنهم اتخاذ قرارات بشأن الإجراءات اليومية التي يتخذونها”.
تقترح باليك مجموعة من النشاطات والألعاب الجذابة والمحفزة للتفكير لدعم هذا الأمر لدى الأطفال، مثل لعبة إنشاء ملصقات البصمة الكربون.
وتشرح باليك لعبتها قائلة: “يمكن للأطفال الرسم حول أقدامهم أو رسم أقدامهم على ملصق وكتابة أفكار جماعية حول الإجراءات الصغيرة التي يمكنهم تنفيذها يوميًا لتقليل بصمتهم. يمكن تعليق هذه الملصقات في الفصل أو أخذها إلى المنزل لتعليقها على الثلاجة كتذكير يومي”.
وتضيف: “من أجل أن يفهم الأطفال في نهاية المطاف ماهية انبعاثات الكربون (وكيف تغير مناخنا) يحتاجون أولاً إلى فهم المبادئ الأساسية للتأثير البيئي”.
تقترح باليك هنا استخدام الخيال والاستعارات لإظهار أن الأنشطة البشرية يمكن أن تضر بالموارد الطبيعية التي يعتمد عليها كل من البشر والحيوانات.
تقول: “يحتاج الطفل إلى معرفة الجانب الإيجابي، فنحن لا نهدر المياه لأن ذلك يضر بالأرض، ونعيد التدوير لأن ذلك يمنع القمامة من الذهاب إلى مكب النفايات ويساعد الأرض”.
اقرأ أيضًا.. ادبيات الأديان عن تغير المناخ (1).. كيف يساعدنا الإسلام في معالجة أزمة القرن؟
ثالثًا: المشاركة الفعلية والنشاط
بالقرب من نهاية المرحلة الإعدادية، غالبًا ما يبدأ الأطفال في فهم الطبيعة الفيزيائية لغازات الدفيئة، في هذه المرحلة من المهم تطوير فهمهم لعلوم المناخ باستخدام القصص والرسوم التوضيحية والميزات التفاعلية الأصلية والجذابة.
مع الوقت سيولد ذلك لدى الأطفال رغبة في المشاركة بشكل أكبر في مكافحة تغير المناخ، ومن المهم في هذا التوقيت إلهامهم بطرق ممارسة النشاط في هذا الاتجاه.
في حين أنه لا يوجد عمر محدد يشعر فيه الأطفال بأنهم مجبرون على بذل المزيد من الجهد للحفاظ على البيئة والمناخ، إلا أن البالغين في المرحلة الثانوية يكون لديهم قدرة أكبر على المشاركة في نشاط المواجهة، من كتابة الرسائل إلى الاحتجاج المباشر، لأنهم وصلوا لمستوى مناسب أكاديميًا وعاطفيًا، وفق باليك.
تقول: ” في هذه المرحلة يجب أن نوضح لهم آثار تغير المناخ من منظور جديد ونعرفهم على التغييرات الإيجابية التي يقوم بها الأطفال على الجانب الآخر من الكرة الأرضية، ونوجه نشاطهم نحو دعم الآخر في أماكن بعيدة عنه، هذا يساعدهم على التفكير بشكل أكثر شمولية”.